"فَدَعَا وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَسَأَلَهُ: مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا؟ فَقَالَ لَهُ: أَخُوكَ جَاءَ فَذَبَحَ أَبُوكَ الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ، لأَنَّهُ قَبِلَهُ سَالِمًا. فَغَضِبَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَدْخُلَ." (لو ١٥: ٢٦-٢٨) كما وردت في إنجيل لوقا الإصحاح الخامس عشر
دائما ما كنت اقف امام هذا المثل متسائلا من هو الضال ؟
هل الضال هو من ترك ابيه وذهب وانفق ميراثه على ملذاته حتى افتقر وعاد الى ابيه. ام هو من يعيش في كنف ابيه حتى عاد اخوه الى رشده وهنا غضب وضل وذهب الي حد ان وصف بأنه لم يرد ان يدخل؟
الطبيعي والمفهوم التلقائي ان الضال هو الابن الاصغر ولكن الوحي وصفه بانه (كان ضالا فوجد) اي نفى عنه الضلال فيما بعد اما الابن الاكبر فبعد ان افنى حياته في خدمة ابيه عندما جاء وقت الامتحان ضل.
والاغرب ان القصة وقفت عند هذا الحد فلم نجد تكملة لها تحكي مثلا: ( فلما سمع الابن الاكبر كلام ابيه حزن انه غضب وادرك خطأه ودخل فورا ليحتفل بعودة اخيه الذي كان ضالا) كلا هذا لم يحدث
لقد انتهت القصة واكتملت في الاصحاح التالي بأن السامعين من الفريسيين استهزأوا بأقواله فهل كان المقصود فعلا ان الابن الضال هو الاصغر ام الابن الاكبر الذي لخص ولاؤه لأبيه في صورة من ينتظر المكافأة ، هو لم يكن امينا مع ابيه لأنه يحبه او لأنه رأى حجم خطأ اخيه الاصغر بل جل رؤيته تركزت في ما الذي سيصبح له بعد نهاية ابيه. بل وكان غضبه الشديد عندما علم ان ميراثه نقص عجلا مسمنا. نعم لقد غضب الابن البار في عيني نفسه عندما انتقص ابوه من ممتلكاته عجلا ليفرح بعودة اخيه الذي ظنه ضالا.
فأيهما اكثر ضلالا ذاك العائد التائب ام هذا الغاضب الذي رفض ان يفرح لعودة الضال عن ضلاله
غالبا ما نرى انفسنا ابرارا لا نحتاج لتوبة ولا نحتاج لنصح بل والادهي اننا نطلب الراحة من مصادر لا تقدم راحة. مصادر تقدم شقاء وتعب. مصادر تهدم الروح وتقتل الفرح. ونتعجب بعدها ونتساءل اين الخطأ؟
الصواب بين وأحرى أن يُتبع. والضلال ايضا بين اولى بنا تجنبه. ولكننا احيانا نرى الصورة المغلوطة تماما مثل رؤيتنا للابن الضال
