General

الجمعة، 12 يناير 2024

عن الابن الضال اتحدث



"فَدَعَا وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَسَأَلَهُ: مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا؟ فَقَالَ لَهُ: أَخُوكَ جَاءَ فَذَبَحَ أَبُوكَ الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ، لأَنَّهُ قَبِلَهُ سَالِمًا. فَغَضِبَ وَلَمْ يُرِدْ أَنْ يَدْخُلَ." (لو ١٥: ٢٦-٢٨) كما وردت في إنجيل لوقا الإصحاح الخامس عشر 

دائما ما كنت اقف امام هذا المثل متسائلا من هو الضال ؟

هل الضال هو من ترك ابيه وذهب وانفق ميراثه على ملذاته حتى افتقر وعاد الى ابيه. ام هو من يعيش في كنف ابيه حتى عاد اخوه الى رشده وهنا غضب وضل وذهب الي حد ان وصف بأنه لم يرد ان يدخل؟

الطبيعي والمفهوم التلقائي ان الضال هو الابن الاصغر ولكن الوحي وصفه بانه (كان ضالا فوجد) اي نفى عنه الضلال فيما بعد اما الابن الاكبر فبعد ان افنى حياته في خدمة ابيه عندما جاء وقت الامتحان ضل.

والاغرب ان القصة وقفت عند هذا الحد فلم نجد تكملة لها تحكي مثلا: ( فلما سمع الابن الاكبر كلام ابيه حزن انه غضب وادرك خطأه ودخل فورا ليحتفل بعودة اخيه الذي كان ضالا) كلا هذا لم يحدث

لقد انتهت القصة واكتملت في الاصحاح التالي بأن السامعين من الفريسيين استهزأوا  بأقواله فهل كان المقصود فعلا ان الابن الضال هو الاصغر ام الابن الاكبر الذي لخص ولاؤه لأبيه في صورة من ينتظر المكافأة ، هو لم يكن امينا مع ابيه لأنه يحبه او لأنه رأى حجم خطأ اخيه الاصغر بل جل رؤيته تركزت في ما الذي سيصبح له بعد نهاية ابيه. بل وكان غضبه الشديد عندما علم ان ميراثه نقص عجلا مسمنا. نعم لقد غضب الابن البار في عيني نفسه عندما انتقص ابوه من ممتلكاته عجلا ليفرح بعودة اخيه الذي ظنه ضالا.

فأيهما اكثر ضلالا ذاك العائد التائب ام هذا الغاضب الذي رفض ان يفرح لعودة الضال عن ضلاله

غالبا ما نرى انفسنا ابرارا لا نحتاج لتوبة ولا نحتاج لنصح بل والادهي اننا نطلب الراحة من مصادر لا تقدم راحة. مصادر تقدم شقاء وتعب. مصادر تهدم الروح وتقتل الفرح. ونتعجب بعدها ونتساءل اين الخطأ؟

الصواب بين وأحرى أن يُتبع. والضلال ايضا بين اولى بنا تجنبه. ولكننا احيانا نرى الصورة المغلوطة تماما مثل رؤيتنا للابن الضال

ملائكة وشياطين



(قبل أن يتجه ذهن البعض انني اكتب عن تلك الرواية الشهيرة للكاتب دان براون اود التوضيح انني لا اقصد هذا)


في هذا العالم البغيض كثيرا ما نتعامل على اساس اننا ملائكة والآخرون هم الشياطين -وطبعا الآخرون يرون العكس- خصوصا في أي موقف صدامي بيننا وبينهم. كثيرا ما ننسى اننا لسنا بملائكة وليسوا هم بشياطين لأنه ببساطة لو كان الأمر هكذا وجب أن يعيش كل منا في مكان مختلف عن الآخر. فالملائكة لا يخالطون الشياطين.

إننا في عالمنا هذا نتعامل على اساس بشري كل له عيوبه ومميزاته، له صفاته ومؤهلاته، له حقوق وواجبات نحو نفسه ونحو عالمه. (وأكرر على أساس بشري). فليس دوري أن اصلح الكون من حولي ولكن دوري هو أن أفعالي لا تؤذي الكون من حولي. أن احترم أن الآخر ايضا له نفس الصفات السابقة وبالتالي ينعكس هذا على العلاقة فيما بيننا. دوري هو أن الحيز الذي اعيش فيه لا ينتج ضررا وأن افعالي ان كانت سيئة لا تؤذي أحدا غيري. ومن هنا اعتقد نشأت فكرة المسئولية المجتمعية. أما أنك تختار لنفسك اسلوبا مبني على خلفياتك السابقة ومشاكلك القديمة ورؤيتك السلبية عن الآخرين بل وتعمم هذا في تعاملك مع الجميع فهذا مرض يستحق البحث عن علاج قبل أن ينتج عنه آثارا تدمر حتى الحيز الذي تعيش فيه. ناهيك عن الآثار السلبية على علاقاتك مع من حولك.

الناحية الأهم كيف تكون فردا فاعلا في مجتمعك. هل بفرض وجهة نظرك على الآخرين -بافتراض حسن النوايا- أم ان تفرض وجهة نظرك على نفسك لتنتج ثمارا جيدة يراها الآخرون فيقتدون بك. او ربما تكتشف أن وجهة نظرك خاطئة تستحق التعديل لصورة فيما بعد تستحق أن يحتذى بها. هذا ما أراه عندما نصطدم بعضنا مع بعض على اساس ان ما أفعله أنا هو الأصح.(والعكس أيضا)

لذا دوما ما أسأل نفسي هل قراري هذا صحيح، أم يحتاج إلى مراجعة؟

هل هذا التوجه يلائمني أم يجعلني ملوما؟

لو تعاملت مع هذه الأسئلة بمبدأ ملائكة وشياطين سينتهي بي الأمر إلى العيش بنظرية المؤامرة ولو تركت الأمور كما هي هناك فرصة أن تأتي النتائج بما هو اسوأ. هنا يجب التوقف والغوص في ذاتي نفسها وأن أفكر فقط فيما يتلاءم مع ذاتي وادراكي أنني بشر دون أن اؤذي أحدا أو أفرض شيئا على أحد غيري. 

المفترض أن أتعايش مع ما يتلاءم مع ذاتي وأن أكون ذكيا بكفاية أن احسن من الصورة اذا كانت معيبة. لكن دون القبول بأنصاف الحلول أو انصاف الحقائق.

أدعو الله ألا أكون سببا في أذية أحد. وأن يجنبني أذى من(يراني شيطانا).


#يكفيكم شر بعضكم.

السبت، 30 ديسمبر 2023

حلقات الرواية على موقع اليوتيوب

فصول الرواية على موقع اليوتيوب

تم حتى الآن نشر أغلب فصول الرواية على موقع اليوتيوب ويمكن مشاهدتها عن طريق الضغط على الروابط التالية



عن الابن الضال اتحدث

"فَدَعَا وَاحِدًا مِنَ الْغِلْمَانِ وَسَأَلَهُ: مَا عَسَى أَنْ يَكُونَ هذَا؟ فَقَالَ لَهُ: أَخُوكَ جَاءَ فَذَبَحَ أَبُوكَ الْعِجْلَ الْ...

رواية قاضيهم